شهر رمضان هو شهر ينبض بالحياة، وتنعكس حيوية هذا الشهر على مختلف الجوانب والأبعاد في المجتمعات الإسلامية. ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كيفية تغير نمط حياة الصائم، وكأن أحد أهداف هذا الشهر الكريم هو كسر القيود والأغلال التي وضعناها على أعناقنا في أساليب الأكل والنوم ومزاولة الأعمال والتواصل وغير ذلك. هذا إضافة إلى أن هذا الشهر يعيد ضبط بوصلتك في علاقتك بخالقك، فتتوثق علاقتك بالعبادات وبقراءة القرآن والدعاء وبزيارة المسجد وبأداء العمرة أو زيارة المسجد النبوي.
كل المجتمعات الإسلامية في مختلف الأقطار والدول يحط عندها شهر رمضان ويُدخل التغيير إلى حياتهم، وتتعدل أنماط حياتهم طبقاً لأوقات الإفطار والسحور وأداء الفرائض الدينية.
ومن ضمن الأمور التي يطرأ عليها التغيير الجانب السياحي. فالسياحة في شهر رمضان لا تتوقف ولكنها تنبطع بطابع هذا الشهر، ويحضر رمضان ليغير من نمط نشاطنا السياحي. وسنحاول في هذه المقالة الإطلالة على تأثير رمضان على السياحة الداخلية والخارجية.
شهر رمضان وزيارة المواقع الدينية
يعد شهر رمضان محطة مهمة للمسلمين لزيارة بعض المواقع الدينية المقدسة بالنسبة إليهم. ويصنف السفر إلى المواقع الدينية من ضمن السياحة الدينية الداخلية والخارجية. فالذين يسافرون في نفس البلد إلى مناطق أخرى فيه تحتوي على مواقع دينية، سيصنف سفرهم هذا على أنه سياحة دينية داخلية، والذين يسافرون من بلد إلى بلد لنفس هذا الهدف، سيصنف سفرهم على أنه سياحة دينية خارجية.
وتعد مكة والمدينة المنورة أهم وجهتين للسفر خلال شهر رمضان. فالكثير من المسلمين يزورون مكة لأداء العمرة لما لذلك من الفضل خلال هذا الشهر، والبعض منهم يتوجه إلى المدينة للإقامة بجانب المسجد النبوي ولأداء فرائضه العبادية كل يوم فيه. وهناك من يقصدهما معاً، فيؤدي العمرة في مكة، ومن ثم يتوجه إلى المدينة. وهذا يعني أن شهر رمضان يرفع نسبة السفر الداخلي في السعودية إلى مكة والمدينة المنورة، ويرفع أيضاً نسبة السفر الخارجي، أي من باقي البلدان إلى داخل السعودية، أي إلى مكة والمدينة المنورة.
وتحتوي الكثير من البلدان الإسلامية على مواقع دينية تستحق الزيارة خلال شهر رمضان، وتنشط حركة زيارتها دائماً خلال هذا الشهر، خصوصاً المساجد القديمة في القاهرة ودمشق واسطنبول والعراق وبعض بلدان المغرب العربي.
زيارة الأهل والأصدقاء في رمضان
من النشاطات التي تمارس خلال شهر رمضان زيارة الأهل والأقرباء وصلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء والأحبة. فرمضان الذي هو شهر الرحمة والخير يفرض نفسه على علاقاتنا الاجتماعية، فهو يدفع المسلمين لوصل ما انقطع مع الآخرين، وتحثهم أجواؤه على صلة الأرحام لما لذلك من أهمية في المنظومة القيمية الإسلامية. والتواصل يعني الانتقال من مكان إلى آخر، مما يستدعي زيادة نشاط السفر الداخلي بين المناطق، كالسفر من الرياض إلى جدة، أو من المنطقة الشرقية إلى وسط البلاد، ويعتبر هذا النشاط نحواً من السياحة الداخلية. وكلما اقترب شهر رمضان من نهايته تنشطت الحركة السياحية أكثر، لأن بعض العائلات تقوم بنشاطها السياحي لوصل الجزء الأخير من رمضان بعيد الفطر، وعيد الفطر يعتبر ذروة ارتقاء النشاط السياحي والتوجه نحو السفر من منطقة لمنطقة ومن بلد لآخر.
الفنادق في شهر رمضان مختلفة
تتخذ الفنادق في البلاد الإسلامية لنفسها برنامجاً معدلاً خلال شهر رمضان. فهي تعمل على تقديم كل ما يريح المقيمين فيها. وهذا يعني مراعاة مواعيد الإفطار الرمضاني والسحور، وتكون الخدمة الفندقية حينئذ مراعية لهذا الجانب. ولأن الفنادق تراعي حضور هذا الشهر في برامجها، فهذا يدفع الناس وخصوصاً رجال الأعمال وأصحاب الأعمال التي تستدعي سفراً لعدم تجميد سفرهم ونشاطهم خلال هذا الشهر. هذا إضافة إلى أن بعض الفنادق تقع في أماكن دينية جاذبة للسياح. عشرات الفنادق بجوار الحرم النبوي في المدينة المنورة أو الفنادق بجوار الحرم المكي في مكة. وتوجد الكثير من الفنادق القريبة من مساجد كبيرة وعريقة في الكثير من البلدان الإسلامية، مما يعني توجه الناس إليها في رمضان والإقامة فيها، والاستفادة من قربها من أماكن العبادة.
الفعاليات والنشاطات خلال شهر رمضان
الكثير من الدول الإسلامية تتزين خلال شهر رمضان، وتلبس أسواقها حلة جميلة مناسبة لهذا الشهر. وتعمل لجان المناطق والمحافظات على تفعيل الكثير من النشاطات المحلية، وتقام العديد من الفعاليات. هدف كل هذا النشاط هو تحريك العجلة الاقتصادية في الأسواق وجذب السياح لقضاء شهر مميز في هذه المناطق خلال رمضان. وهذا ما نجده في دول الخليج وفي مصر. كل ذلك يشجع على السياحة الداخلية بين المناطق ويدفع أيضاً للسياحة الخارجية والسفر إليها من بلد إلى آخر.
إن الأجواء الرمضانية في البلدان الإسلامية والفعاليات التي ترافق انطلاق هذا الشهر هو فرصة لاكتشاف ثقافتها وعاداتها والاختلاط بمجتمعاتها المحلية للتعرف إلى تراثها ونشاطها في فترة الصوم. فكل بلد له عاداته في الطعام وفي الإحياء وفي العبادة وفي التسوق وفي روتين النشاط اليومي. فسيكون ممتعاً جداً الاطلاع على كل هذه التفاصيل عن كثب.
بعض النصائح للقيام بسياحة داخلية أو خارجية خلال رمضان
لأن رمضان شهر مختلف فيجب أن يكون سفرك فيه لأي وجهة متناسباً مع روحية وطبيعة هذا الشهر. وإليك فيما يلي بعض النصائح فيما لو أردت أن تسافر إلى وجهة داخلية أو حتى خارجية خلال شهر رمضان:
-
اختيار الوجهة المناسبة لرمضان
فمن المهم جداً أن تكون المدينة التي ستتوجه إليها متناسبة مع كونك صائماً ومؤدياً لهذه الفريضة، وأن يكون المجتمع الذي ستقيم بينه يحترم خصوصية شعائرك الدينية. ومن المهم أيضاً توفر المساجد بجانب مكان إقامتك، وأن يكون الفندق متوائماً مع دخول شهر رمضان على حياتنا.
-
التخطيط والاستكشاف المسبق
إذا توجهت إلى مدينة إسلامية أو إلى بلد يحتوي على العديد من المواقع الدينية، فمن المهم أن تخطط لهذه الرحلة جيداً، حيث تستطيع من خلال استكشاف المكان نظرياً والتخطيط للتوجه إليه أن تحوّل رحلتك هذه خلال شهر رمضان إلى متعة حقيقية، لأنك لن تفوّت أي مكان تراثي أو أي محفل ديني حين ذلك.
-
الاندماج مع المجتمع المحلي
كل مجتمع إسلامي له عاداته خلال رمضان، وهي عادات في الطعام والشراب وطريقة العيش وفي التعاون والتطوع وغير ذلك. ستحظى بتجربة غنية جداً إذا قررت الاندماج مع عاداتهم الرمضانية هذه، وقد تكتسب بعض العادات المفيدة في طريقة عيشهم وفي منظورهم للحياة.
-
احسم طريقة تناولك للطعام في رمضان
من الضروري التعرف إلى المطاعم التي تقدم الطعام المناسب لك خلال رمضان. وعليك تحري مواضع الأكل الحلال أيضاً. موضوع توقيت تقديم الوجبات الرئيسية ضروري أيضاً. أما بالنسبة للسحور فهذا عائد لك، فقد تكتفي بوجبات خفيفة في الفندق، وقد تحتاج إلى وجبات مشبعة وهنا عليك تحري المطاعم التي تقدم الطعام الجيد في توقيت السحور.