العادات والتقاليد في الإمارات ليست بروتوكولات اجتماعية عابرة وبسيطة، بل هي نموذج عميق مستمد من منظومة القيم ومن الثقافة الإمارتية الراقية والجميلة، وهي تعبر عن هويتها، كرمها، وتنوعها. ومن يزور الإمارات سيشهد تجسد هذه العادات والتقاليد في كل موقف وفي الكثير من المظاهر الحياتية هناك، بحيث اصبحت متغلغلة في طريقة عمل المؤسسات وطبيعة تعامل كل أفراد الشعب مع الزوار والوافدين.
هل تتوق لزيارة دولة الإمارات والتعرف إلى تراثها وتقاليدها والتوجه إلى أجمل المعالم السياحية فيها؟ المطار تقدم لك أفضل عروض السفر وأكثر عروض الإقامة الفندقية تنافسية.
في هذا المقال سنأخذك في جولة للتعرف إلى أجمل العادات والتقاليد في دولة الإمارات الجميلة.
كرم الضيافة والترحيب: جوهر العادات والتقاليد في الإمارات
لا يمكن الحديث عن العادات والتقاليد في الإمارات دون التوقف مطولًا عند واحدة من أبرز سمات المجتمع الإماراتي: الضيافة الأصيلة التي تضرب جذورها في عمق التراث العربي والإسلامي، وتتجلى في تفاصيل الحياة اليومية والمناسبات الخاصة.
-
لغة التحية وحفاوة الاستقبال
عند دخولك منزلًا إماراتيًا، أو لقاء أحد أفراد المجتمع، ستُفاجأ بالترحيب الدافئ المقرون بالكلمات الطيبة والدعاء. ثم يتبع ذلك أحيانًا تقبيل الخد أو الأنف (الخرّوف)، وهي عادة متجذرة بين الرجال، تعبّر عن الاحترام والقرب. أما في حال لقاء المرأة، فلا تُمدّ اليد للمصافحة احترامًا، ما لم تبادر هي بذلك.
-
القهوة العربية: طقس احتفالي لا يُكسر
تُعد القهوة العربية مع التمر الطقس المركزي في كرم الضيافة الإماراتي. لا يتم تقديم القهوة كشراب فقط، بل كمشهد متكامل مليء بالرموز:
- دلة القهوة: رمز راسخ للكرم والتاريخ، حتى أنها رُسمت على عملة الدرهم الإماراتي كهوية وطنية.
- الفنجان الصغير (يُملأ حتى الثلث): لا يُملأ أكثر من اللازم احترامًا، ويُقدم بيد اليمنى فقط، وغالبًا من قبل “الصباب”.
- التمر: يقدم قبل القهوة، وغالبًا من نوع “خلاص” أو “سكري”، لتليين المعدة وتعزيز الطاقة.
من الآداب المميزة أن يهزّ الضيف الفنجان عند الانتهاء تعبيرًا عن الاكتفاء، وهذه التفصيلة وحدها تعكس مدى التنظيم في فن الضيافة.
-
التدرّج في التقديم واحترام المقامات
يبدأ تقديم القهوة عادة من أكبر الحاضرين سنًا أو مكانة، ثم بالترتيب حسب الأعمار أو المقامات، ويُعد تجاوز هذا النظام أمرًا غير لائق.
أما في المناسبات الرسمية أو العزاء أو الأعياد، فهناك شخص مختص يُدعى “القهوجي” يكون مسؤولًا عن تحضير وتقديم القهوة بشكل احترافي.
-
مجالس الضيافة: القلب النابض للمجتمع
المجلس الإماراتي ليس مجرد غرفة جلوس، بل هو مساحة يومية يتجمع فيها أهل الحي أو العائلة أو الأصدقاء لتبادل الأحاديث، التشاور، أو حتى حل النزاعات، وغالبًا ما يكون الرجال في مجلس مستقل عن مجلس النساء.
ويُفتح المجلس يوميًا بعد صلاة المغرب أو العشاء، وتُقدّم فيه القهوة، أطباق تقليدية مثل الهريس أو اللقيمات، والماء والعصائر في المناسبات.
-
استقبال الضيف كواجب ديني واجتماعي
في الثقافة الإماراتية، يُعتبر استقبال الضيف ليس خيارًا بل واجبًا مقدسًا، مستمدًا من الحديث النبوي: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه”. لذا، نجد الأسر الإماراتية حريصة على فتح أبوابها للغرباء، السياح، وحتى عابري السبيل.
-
تأثير الضيافة في السياحة
ولأن العادات والتقاليد في الإمارات لا تزال حيّة ومتجددة، فقد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من تجربة السائح والزائر. كثير من الفنادق الفاخرة في دبي وأبوظبي، وحتى المناطق الريفية في العين ورأس الخيمة، تقدم تجارب الضيافة الإماراتية الأصيلة، من ارتشاف القهوة على الرمال، إلى حضور المجالس التراثية وارتداء الزي التقليدي.
لباس المرأة والرجل: شاهد على الهوية والثقافة الإماراتية
يمثل اللباس التقليدي في الإمارات أحد أقوى الرموز البصرية للعادات والتقاليد في الإمارات، ويعكس بجلاء مدى تمسك المجتمع بجذوره وهويته، رغم كل مظاهر الحداثة والانفتاح.
-
الكندورة للرجال: البساطة والأناقة في آن واحد
يرتدي الرجال الإماراتيون ما يُعرف بـ الكندورة (أو الدشداشة)، وهي ثوب طويل فضفاض غالبًا ما يكون باللون الأبيض، ويصنع من قماش خفيف يتناسب مع حرارة المناخ الصحراوي.
- اللون الأبيض هو الأكثر شيوعًا، خصوصًا في الصيف، لما يضفيه من شعور بالبرودة والنظافة.
- في الشتاء أو المناسبات، تُرتدى الكندورة بألوان أخرى مثل البيج، الرمادي، أو الأسود.
يُرافق الكندورة غطاء الرأس التقليدي: الغترة البيضاء أو الشماغ الأحمر والأبيض، يُثبّت بقطعة سوداء تُدعى العقال، وهي رمز للهيبة والوقار.
-
عباءة المرأة: رمز للأنوثة والاحتشام
أما المرأة الإماراتية، فهي تُظهر جانبًا مميزًا من العادات والتقاليد في الإمارات من خلال لباسها:
- العباءة السوداء هي الرداء الخارجي الأساسي، وتتميز بتصاميم راقية تجمع بين الوقار والفخامة.
- العباءة لا تُلبس فقط لغرض الاحتشام، بل أصبحت جزءًا من الموضة المحلية، حيث تتفنن المصممات الإماراتيات في ابتكار قصات وتطريزات فنية راقية.
وإلى جانب العباءة، تلبس المرأة:
- الشيلة (وشاح الرأس)
- البرقع التقليدي في بعض المناطق، لا سيما بين النساء الأكبر سنًا، وهو مصنوع يدويًا من قماش لامع بلون ذهبي أو نحاسي، ويُعتبر حرفة نسائية متوارثة ترمز للعفة والخصوصية.
-
من التراث إلى الهوية الوطنية
ما يميز اللباس الإماراتي أنه لم يتغير كثيرًا رغم مظاهر التمدن السريعة. لا يزال اللباس التقليدي يُرتدى يوميًا، ويُستخدم أيضًا في المناسبات الوطنية والاحتفالات مثل اليوم الوطني أو حفلات الزواج، ما يجعله رابطًا حيًا بين الأجيال.
وتولي الحكومة الإماراتية اهتمامًا خاصًا بالحفاظ على هذا اللباس كجزء من الهوية الوطنية، عبر تنظيم الفعاليات التي تحتفي بالزي الشعبي، وتقديمه للسياح كجزء من التجربة الثقافية.
فنون شعبية وتقاليد احتفالية
تُعد الفنون الشعبية جزءًا حيًّا من العادات والتقاليد في الإمارات، إذ تعكس نبض المجتمع البدوي وتراثه العريق. من أبرزها الشعر النبطي الذي يُلقى في المناسبات ويُرافقه عزف العود أو إيقاع الطبول، إلى اليولة والعرضة، وهما رقصتان جماعيتان تعبران عن الفخر والانتماء.
كما تشتهر الإمارات برقصة الردحة، التي تؤديها النساء بعد حفلات الزفاف، والهبّان ذات الطابع الإيقاعي المميز. ولا تزال رياضات مثل الصقارة وسباق الإبل وسباقات الخيل تُقام في الفعاليات التراثية والمهرجانات، ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من المشهد الثقافي الإماراتي.
الحرف التقليدية: إنجازات الماضي وأيضا اليوم
تلعب الحرف التقليدية دورًا محوريًا في تشكيل هوية المجتمع الإماراتي، إذ تعبّر عن العادات والتقاليد في الإمارات من خلال المهارة والإبداع. من أبرز هذه الحرف: صناعة البرقع التي تمارسها النساء بحرفية عالية، والنجارة التقليدية المستخدمة في بناء السفن (الداو) والمجالس، إضافة إلى النسيج والخوص لصناعة السلال والحصر.
وما زالت هذه الفنون حيّة في أماكن مثل حي الفهيدي التاريخي وقرية التراث في دبي، حيث يمكن للزائر مشاهدة الحرفيين أثناء العمل، ولمس روح الماضي المتجدد في الحاضر. إنها ليست مجرد مهن، بل تراث ينبض بالحياة ويتناقل عبر الأجيال.
طقوس المناسبات الاجتماعية والدينية
- تُجسّد طقوس المناسبات الاجتماعية والدينية عمق العادات والتقاليد في الإمارات، وتُبرز التمسك القوي بالروابط الأسرية والدينية. في حفلات الزواج الإماراتي، تبدأ المراسم بـ”الخطبة” وتبادل “المهر”، ثم تأتي “الزهبة” وهي تجهيزات العروس من مجوهرات وملابس، تليها “المير” أو قائمة الطعام المُخصصة للحفل. تُقام ليلة الحناء للنساء في أجواء غنائية مبهجة، أما الزفة فتمتد لعدة أيام، وتشهد عروضًا تراثية ورقصات شعبية.
- أما في شهر رمضان، فتُحيي الإمارات طقوسًا روحية واجتماعية مميزة، أبرزها “حق الليلة” حيث يوزع الأطفال الحلوى قبل حلول الشهر الكريم. تعمر المساجد بالمصلين خلال صلاة التراويح، وتزدهر موائد الإفطار بالمأكولات التقليدية كالثريد والهريس. ومع قدوم العيد، يتبادل الناس التهاني والهدايا، وتُوزع لحوم الأضاحي، في مشهد يجمع بين الإيمان والكرم والتكافل. إنها طقوس تترسخ في الوجدان وتُحيي الذاكرة الجمعية جيلاً بعد جيل.
وجه الإمارات السياحي والثقافي العصري
يُعد استكشاف المواقع التراثية في الإمارات تجربة فريدة تُمكِّن الزائر من الغوص في عمق العادات والتقاليد في الإمارات، والتعرف على تفاصيل الحياة القديمة التي شكّلت هوية هذا المجتمع.
يمكن البدء بـ حي الفهيدي التاريخي (البستكية)، أحد أقدم أحياء دبي، حيث تصطف الأبنية الطينية والأزقة الضيقة التي تنقلك إلى أجواء القرن التاسع عشر. يليه متحف ومجلس غورفة أم الشيف، الذي يعرض نمط الحياة البسيطة للأسرة الحاكمة صيفًا. أما قرية التراث، فتتيح تجربة تفاعلية مع الحرف التقليدية والبيوت البدوية والمأكولات الشعبية.
لا تفوّت زيارة سوق دبي للتوابل وسوق الذهب، حيث يلتقي عبق الماضي مع نبض الحاضر. ولعشّاق القهوة، يقدم متحف القهوة تجربة غنية عن تاريخ هذا المشروب العربي الأصيل.
أما مهرجانات مثل سكة للفنون وأفنر كال أفنيو، فهي تدمج التراث بالإبداع المعاصر، وتُعيد تقديمه بروح فنية جذابة وحديثة.
خاتمة: متعة الغوص في الثقافة الإمراتية
عند استكشاف العادات والتقاليد في الإمارات، ستجد تنوعًا عميقًا في الضيافة، اللباس، الفنون، الاحتفالات، والحرف اليدوية. هذه الثيمات تتجلى أمامك عندما تخطو لبلد زاخر بالجذور، لكنه في الوقت ذاته متجدّد.
إن كانت رحلتك إلى دبي، أبوظبي، أو أيّ إمارة أخرى، فلا تفوّت فرصة التفاعل الحقيقي مع هذه الثقافة، والاستمتاع بتجربة تأخذك في رحلة بين الماضي والحاضر، لتبقى خالدة في ذاكرتك.
واستفد من عروض المطار الرائعة التي من خلالها يمكنك السفر براحة واستمتاع للاندماج بثقافة الإمارات.